- العلوم الهندسية
- البناء , الخرسانة , تدوير
إعادة تدوير مخلفات البناء واستخدامها في انتاج الخرسانة
المقدمة
بسبب التزايد السريع لعدد السكان والانشاءات تتولد في البلد ملايين الاطنان من مخلفات الانشاءات والهدم وان هذه المخلفات تتزايد طبقا الى المعلومات المتوفرة من امانة بغداد ووزارة البلديات والاشغال العامة ويجب التخلص منها وان السماح لهذه المواد التي من الممكن إعادة استخدامها او تدويرها ان تذهب الى المدافن ليس فقط فقدان في الموارد وانما زيادة الانفاق في الأموال. علما ان هذه المخلفات ترمى في أماكن تجميع المخلفات وتتراكم سنويًا بكميات كبيرة لأنها ذات ديمومة عالية فلا تتفسخ أو تتحلل طبيعيًا وبالتالي فقد اصبحت مشكلة تلوث متزايدة سنويًا في جميع انحاء العالم. وقد أدت الطرق التقليدية المتبعة في التخلص من تلك المخلفات الى ضياع الطاقة المبذولة في انتاجها، والتكلفة الزائدة للتخلص منها، الى جانب تكدس مواقع الدفن ونفاذ سعتها، وما ينتج عن ذلك من تهديدات بيئية ومخاطر صحية. تتعدد العناصر والنسب المكونة للمخلفات الانشائية ما بين خرسانة، حجارة، خشب، قواطع جاهزة، اسفلت، معادن، طوب، بلاستيك، زجاج وغيرها. كما ان إعادة استخدام مخلفات البناء في إنتاج خرسانة جديدة يحقق غايتين معًا، الأولى هي إزالة كميات كبيرة من مصادر التلوث البيئي الناتج من هذه المخلفات، والثانية هي توفير مصادر رخيصة لركام الخرسانة وهذا يحقق لنا الاستدامة وتقليل التلوث. كما أوضحت الدراسات البحثية للعديد من الباحثين التي استخدمت مخلفات البناء كركام خشن (الحصى) أن هذا الركام المعاد استخدامه له وزن نوعي أقل وامتصاص أعلى مقارنة بالركام الاعتيادي المستخدم في العراق. كما أوضحت النتائج أن الخرسانة المعدة من هذا الركام لها مقاومة انضغاط وامتصاص مقبولين، كما أن لها مقاومة انثناء جيدة، وكثافة جافة واطئة مقارنة بالخرسانة المعدة من الركام الاعتيادي المحلي، إن هذه الخرسانة مناسبة للاستعمال في تبليط الشوارع والارصفة والساحات والممرات وعمل كتل البناء الخرسانية. ان الهدف الرئيسي لهذه المقالة، هو لتقليل استخدام مكونات الخرسانة الرئيسية بواسطة استبدالها جزئيا بمخلفات البناء وذلك لتحقيق ما يلي: لخلق بيئة مستدامة، لتقليل تكلفة الاسمنت والركام، لتقليل الأضرار البيئية واستغلال الموارد الطبيعية.دور العراق من فكرة إعادة تدوير مخلفات البناء
تعاني جميع محافظات العراق من تراكم مخلفات البناء والهدم نتيجة التطور الذي حصل في انشاء مباني جديدة وهدم الأبنية القديمة، كما تعاني بعض المحافظات من تدمير المباني نتيجة الحرب الذي حصل في السنوات الأخيرة. بشكل خاص تعاني محافظة الموصل من وجود ما يُقدّر بنحو 7-8 ملايين طن من الأنقاض، لاسيّما في المدينة القديمة على ضفاف نهر دجلة. وقد أطلِقت مبادرة “الحل الدائري” لمعالجة أنقاض الموصل واستخدام ما يُعاد تدويره لإعادة رصف وتمهيد الشوارع. هذه الملايين من الأطنان نتجت عن النزاع الذي نشب مع تنظيم داعش في ثاني أكبر مدن العراق، الموصل. ولمعالجة هذا العبء، يتعاون برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة مع بلدية الموصل، بدعم من اليابان، لإنشاء أول مركز لإعادة تدوير الأنقاض في المدينة.شكل رقم (1): صور من مخلفات الحرب في مدينة الموصل
توضح هذه المبادرة بشكل عملي أنه بالإمكان إنتاج مواد مفيدة لجهود إعادة الإعمار من خلال معالجة الأنقاض، وخلق فرص عمل للعائدين وتنظيف البيئة الحضرية، بحيث تلبي الاحتياجات الإنسانية وأهداف التنمية المستدامة بصورة مشتركة ودعمها في تحويل مشكلة الأنقاض في الموصل إلى وسيلة لإحداث تغيير إيجابي. وفي حين أن الممارسة المعتادة تتمثل في إزالة الأنقاض والتخلص منها بطريقة عشوائية، فإن هذه المبادرة الجديدة ستركز على إعادة استخدام الأنقاض المعاد تدويرها في جهود إعادة الإعمار. إن نتائج الفحوصات المخبرية للمواد الإنشائية التي نفذتها المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تؤكد أن الأنقاض المعاد تدويرها تمتثل للمعايير العراقية لتصميم الطرق وهذا يمهد المجال لإدراج مبادئ الاقتصاد الدائري في التعامل مع نفايات البناء والهدم الروتينية بشكل عام، وبالتالي تعزيز نهج إعادة البناء بشكل أفضل للتعافي من الأزمات. وقد أطلِقت العديد من الحملات لإزالة مئات الآلاف من الأطنان من أنقاض الشوارع، بغية فتحها والسماح للسكان بالوصول إلى منازلهم وأعمالهم، وتمكين إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس ومحطات معالجة المياه. يستدل المشروع من الدروس المستفادة وأفضل الممارسات التي تم جمعها من خلال أعمال تجريبية لإعادة تدوير الأنقاض التي نفذتها المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في مدينتي الموصل. وفي قرية البويتر في كركوك، حيث تم تنفيذ المشروع التجريبي لإعادة تدوير الأنقاض، حيث كان خطوة ممتازة للتخلص من الكميات الهائلة من الأنقاض وتشغيل الأيدي العاملة في المنطقة في آن واحد، بالإضافة إلى إزالة الأنقاض.التأثيرات السلبية للتخلص العشوائي من مخلفات البناء والهدم
لمخلفات البناء والهدم تأثيرات سلبية عديدة قد لا يكون دائما واضحة بالنسبة لمدراء المشاريع او المهندسين المشرفين والتي تتضمن: ضياع في الموارد، هدر المواد الأولية للبناء، هدر وضياع في الطاقة، المساهمة في ازدياد غازات الدفيئة وعلى رأسها غاز CO2. كما ان تحلل بعض المخلفات يؤدي إلى تسرب ما تحتويه من سموم إلى مصادر المياه سواء كانت جوفية أو سطحية وتلوث التربة بصورة تؤثر على دورة الطعام إلى جانب تلوث مياه الشرب وبالتالي تمثل خطرا على سلامة الناس. كما أن بعض المخلفات تبعث غازات ملوثة للجو تؤدي إلى مخاطر كثيرة على الإنسان والنبات والمخلوقات الحية. كما أنها تؤذي النظر بما تسببه أكوام المخلفات من طغيان على المناظر الطبيعية وتشويه للقيمة الجمالية التي يحرص الإنسان عليها. وبما ان اغلب مخلفات البناء والهدم تصنف ضمن المواد التي تقبل التدوير او إعادة الاستخدام لذلك ظهرت الحاجة الى دراسة اليات معالجة هذه المخلفات وبيان كيفية الاستفادة منها ضمن خطة بيئية واقتصادية بان واحد، حيث تشكل هذه المعالجة تحسينا للواقع البيئي وترشيدا لاستخدام الموارد الطبيعية. يوجد عاملان يساهمان بقوة في جعل إعادة استخدام وتدوير مخلفات البناء والهدم أكثر نجاحه من التخلص منها: زيادة تكاليف الحصول على المواد الأولية الخام ونقلها، وهذا يؤثر على اقتصادية العملية، وتقليل البصمة البيئية لمواد البناء والوصول الى موارد بديلة اقل تكلفة. ان التقييد او التقليص بخصوص فتح او توسعة منشآت جديدة للتخلص من النفايات يدفع القائمين على إدارة المخلفات ليكونوا انتقائيين بخصوص المخلفات التي يقبلونها. ان زيادة الضريبة البيئية على طمر المخلفات يزيد من تكلفة التخلص ويسمح بتحويل جزء كبير من كمية المخلفات من المطامر الى مراكز المعالجة والتدوير. إضافة الى ان الطمر غير النظامي لمخلفات البناء والهدم قد يسبب مخاطر صحية في المستقبل ويقلل من قيمة الأراضي.النظام المقترح لإدارة مخلفات البناء والهدم
هنالك عدة مقترحات لإدارة مخلفات البناء والهدم ومن الممكن اعتمادها قبل تنفيذ الخطة الخاصة بالتنفيذ ولكل خيار متطلبات خاصة وكذلك فوائد ومحاسن. كما يجب ان نضع في الحسبان ليس كل تقنية ممكنة التطبيق لأي مقاول او بناء وان كل الخيارات ممكن تعديلها لتناسب الاحتياجات الخاصة، وعليه يمكن خلق مقترحات جديدة. ومن المقترحات التي سوف نأخذها بنظر الاعتبار هي:أ) تقليل المخلفات الإنشائية من المصدر:
أفضل الطرق لإدارة المخلفات هي عدم إيجادها، مما يشير إلى أهمية تخفيف مصادر المخلفات بدلاً من التفكير في التخلص منها، وذلك يأتي على قمة خيارات التعامل مع المخلفات متقدماً على إعادة التدوير. فمن مصادر الهدر في عملية البناء المواصفات الزائدة عن الحاجة، والطلب غير المدروس وبكميات تفوق حاجة البناء، والهالك أثناء عملية الإنشاء بما في ذلك خسائر التصنيع، والنقل ثم الخسائر في الموقع نفسه. لذلك فإن التعامل مع هذه المصادر وتلافيها يعد خطوة رئيسية في إدارة مخلفات الإنشاءات. تتعدد الممارسات الهادفة إلى تقليل فاقد المواد من مصادرها، حيث بالإمكان تقليل كمية حطام الإنشاءات والهدم بواسطة الاهتمام بتقدير كمية المواد الخام التي تلزم للإنشاء في المشروع، ثم التأكد من كمية المواد التي تجلب إلى الموقع وعليه فإن تقليل كمية المخلفات المتولدة) التقليل من المصدر (يؤدي إلى التقليل في تكلفة التخلص من المخلفات، وتقليل المبالغ المصروفة على المواد، وأجور العمل والنقل بسبب خفض كمية المواد المتخلفة.ب) إعادة الاستخدام:
في هذه المرحلة، يتم توظيف ما هو قائم من مباني، عناصر موقع، التركيبات والأجهزة، مكونات المبنى وأجزائه لتؤدي مهام أخرى. وهذا قد يشمل على النطاق الأشمل تعديل وظيفة مبنى ليلائم استعمال جديد كأحد الممارسات التي تعد أكثر تحقيقاً لترشيد الاستهلاك وتحسين جودة البيئة. أما على نطاق مكونات وأجزاء المبنى فإن المخلفات الإنشائية تتضمن مواد مثل: كسر الخرسانة، الطوب، الأحجار والصخور، الأسفلت، الأتربة والرمال، الأخشاب، الزجاج، وغيرها، انظر شكل رقم (2). بالإمكان تقليل تلك المخلفات عن طريق ممارسات لإعادة الاستخدام مثل: استخدام مخلفات مثل كسر الخرسانة والطوب والأحجار في طبقات الملء، استخدام كسر الخرسانة والأحجار في دك التربة ومنع تآكلها، تجميع قوالب الطوب والقرميد والبلاطات السليمة لاستخدامها في مشروعات أخرى، إعادة استخدام مخلفات الهدم السليمة من التجهيزات كالأرضيات الخشبية، الأبواب والشبابيك، الأنابيب، وغيرها في مشروعات جديدة او استعمال مخلفات التربة والحدائق كمواد فرش تحت الأشجار الجديدة أو استخدامها كسماد.شكل رقم (2): مخلفات البناء والهدم
ت) إعادة التدوير:
تقلل عملية إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم من تكاليف وكمية المواد التي يتطلب التخلص منها في مواقع الطمر الصحي. فمن الممكن إعادة تدوير الخشب، الألومنيوم والمعادن الأخرى، الأسفلت، الخرسانة، البلاستيك والألواح الكرتونية، الزجاج، وغيرها. يتم معالجة المخلفات في مجموعة عمليات فيزيائية وميكانيكية مثل عمليات الفصل التدوير، وهي ما تسمح باستخلاص المواد وإعادة استخدامها مثل إعادة استخدام بعض المخلفات كوقود أو إعادة استخلاص المعادن والمواد العضوية. ان هذه العمليات تستهلك طاقة بالطبع ولكن مجموع تلك الطاقات تكون بالقطع أقل بكثير من طاقة توليد وتصنيع المواد الخام من مراحلها الاولية من جديد. هكذا تعتبر تقنيات إعادة التدوير أحد الحلول الممكنة للمشاكل البيئية، في حين تساهم مباشرة في الحفاظ على مصادر المواد الغير متجددة، حيث تعمل على استرجاع المواد المهدرة في عمليات الإنشاء، وتخفض الطاقة المبذولة للتخلص منها. ذلك يستدعي أن تتجه الجهود إلى الاهتمام بتلك التقنيات والدعوة إلى زيادة الإقبال على المواد المدورة في إنشاء المباني.ث) التخلص من المخلفات بالدفن في المكبات:
تنقل مخلفات الإنشاءات والهدم إلى الأماكن المرخصة بواسطة الناقل، يجب الحصول على تصريح بالموافقة على القيام بالتخلص من هذه المخلفات في الموقع. إذا كانت هناك أصباغ أو رصاص أو بعض المواد ذات خصائص سامة، يتم إزالتهم، ثم يجب فحصهم معملياً قبل عملية الدفن حيث تدار هذه المخلفات بطريقة خاصة. كما قد تشترط بعض السلطات أن تفصل مخلفات الإنشاء والهدم عن المخلفات الأخرى وتعزل في مواقع الطمر الصحي لتشجيع ممارسات إعادة الاستخدام والتدوير.الخلاصة والتوصيات:
مما سبق يتضح أنه يجب أن تبدأ جهود تخفيض الهدر في مواد البناء من مرحلة تصميم المشروع، باختيار مواد تسمح بالاستخدام وإعادة الاستخدام في منشآت جديدة، وتطوير أهداف وطرق لاسترداد المواد. كذلك يرتبط بقضية إدارة المخلفات الإنشائية العديد من الأطراف في نطاق واسع يشمل المصممين والمخططين، والسلطات المحلية ومراقبي المباني، والمقاولين، وصانعي ومسوقي مواد البناء، وناقلي النفايات ومجمعيها، مما يتطلب المشاركة والوعي بالمكتسبات الكامنة في منع هدر هذه المخلفات وإعادة تدويرها. من أكثر الإجراءات أهمية تطوير مواصفات أكثر شمولية لمنتجات بناء تتضمن محتويات قابلة للتدوير مع إجراء بعض التعديلات على طرق إدارة المشروعات وتوقيع الغرامات على المخالفات من خلال فرض زيادة في رسوم الضرائب على التخلص بالدفن ودعم أنشطة إعادة التدوير والمنتجات المدورة.المشكلة الرئيسية التي تعيق تطوير هذه التقنيات هي عدم وجود إرشادات مناسبة لإجراءات تصميم المزيج فيما يتعلق بنفس الشيء.
المصادر
- ضحى احمد علي الشاعر “تقنيات إعادة التدوير في مواد البناء كأداة لحماية البيئة وتحقيق الاستدامة في المناطق الحارة” باحثة دراسات عليا بكلية الهندسة – جامعة الفيوم، dohaahmedali@hotmail.com.
- عبد الحكيم بنود، فاطمة الصالح “نظام مقترح للإدارة البيئية لمخلفات البناء والهدم” قسم الهندسة البيئية في كمية الهندسة المدنية بجامعة حلب، مجلة جامعة الفرات سلسلة العلوم الهندسية، 2018.
- إيمان محمد عيد عطية، محمد إبراهيم محمد إبراهيم “إعادة التدوير كأحد الممارسات الهامة في عمارة الاستدامة” كلية الهندسة، جامعة المنوفية، مصر، مؤتمر التقنية والاستدامة في العمران.
- أسامة نور الدين الفراني، “إعادة التدوير كأداة لحماية البيئة دورها، ومتطلبات نجاحها” الشركة العامة للإلكترونيات، .www.khayma.com/madina/m1-eng/recycel1.htm
- Varsha Rathore, and Aruna Rawat, “Effective Utilization of Electronic Waste in Concrete Mixture as a Partial Replacement to Coarse Aggregates” Department of Civil Engineering, University Institute of Technology, India, 2019.