عن بايلوجية الإدمان أسبابه وطرق اكتشافه وعلاجه

 

شارك المقال

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Email
LinkedIn

إقرأ ايضا

الإدمان هو مرض دماغي مزمن ممكن أن يعاوده الشخص بعد العلاج يتمثل بالاعتماد الجسدي والنفسي على المخدرات أو الكحول أو الاعتماد على سلوك معين كإدمان الألعاب الإلكترونية او السوشيل ميديا. غالبًا ما يستمر الشخص المصاب بالإدمان عاداته السامة على الرغم من تعريض نفسه والآخرين للأذى. ويعد انتشار المخدرات بين شبابنا هذه الأيام خطرا محدقا بالمجتمع العراقي والأسرة. وفي هذا المقال نبسط معلومات علمية عن علاقة الإدمان بالدماغ وتأثيره و علاقته بالمورثات كما يتناول بشرح مبسط لاهم حالات الإدمان والتعود و يغطي طريقة تشخيص المدمن ووسيلة علاجه وبعض الإحصائيات والحقائق .

عادة يكون تجربة المخدرات أو اي نشاط إدماني لأول مرة مغري جدا، إلا إن الأمور من السهل جدًا أن تتجه  إلى الأسوأ- خاصة في حالة تعاطي المخدرات والكحول. عندما يتم تعاطي المخدرات بشكل متكرر يتطور عند الشخص إمكانية مايعرف كمصطلح علمي بTolerance  [1](وهو مصطلح سنشرحه لاحقا من ضمن المقال )  بمرور الوقت. لهذا يلجئ المتعاطي الى كميات أكبر من المخدرات أو الكحول لتحقيق التأثيرات المرغوبة ، مما يؤدي إلى تصعيد طبيعة الإدمان.

و يؤدي تعاطي المخدرات لفترات طويلة إلى دورة خطيرة : حيث يحتاج المدمن إلى الاستمرار في تعاطي المخدرات أو الكحول لتجنب ظهور الاعراض الغير مريحة. ومع الوقت يدرك المدمن أن لديه مشكلة قد سيطرت عليه ، وبالتالي سيعطي الأولوية بتعاطي الكحول او المخدرات على كل شيء آخر مهم في حياته.

لا أحد يخطط ان يصبح مدمن و هناك عدد لا يحصى من الأسباب التي تجعل شخصًا ما  يجرب مادة أو يجرب سلوك ما. البعض قد يدفعه الفضول او ضغط الأقران والاصدقاء ، بينما يبحث البعض الآخر عن طريقة لتخفيف التوتر والمشاكل في العمل أو المنزل . اما الأطفال الذين ينشئون في بيئات تتواجد فيها المخدرات والكحول لديهم مخاطر أكبر للإصابة باضطراب تعاطي المخدرات substance use disorder (SUD) في المستقبل.

 تشمل العوامل الأخرى التي قد توجه الشخص نحو السلوك الضار لتعاطي المخدرات ما يلي:
اولا : الوراثة[2]

تقدر الأبحاث أن الجينات مسؤولة عن 40 إلى 60٪ من احتمالية إصابة الشخص بحدوث اضطراب طيف التوحد. و اضطرابات الصحة العقلية. فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية هم أكثر عرضة لتطوير (اضطراب تعاطي المخدرات substance use disorder) SUD من عامة السكان.

ثانيا : الإدمان والدماغ[3]

يؤثر الإفراط في تعاطي المخدرات على أجزاء كثيرة من الجسم ، ولكن العضو الأكثر تأثراً هو الدماغ. عندما يستهلك الشخص مادة مثل المخدرات أو الكحول ، ينتج الدماغ كميات كبيرة من الدوبامين. والدوبامين هو هرمون يسميه العلماء هرمون السعادة كما انه مسؤول عن نقل الاشارات بين الدماغ والجسم. يؤدي هذا الهرمون إلى تشغيل نظام المكافأة في الدماغ معنى ان دماغك سيعمل بصورة اكفاء واسعد عند وجود الدوبامين.

ولكن بعد الاستخدام المتكرر للمخدرات ، يصبح الدماغ غير قادر على إنتاج كميات طبيعية من الدوبامين بمفرده وبالتالي فان الدماغ يحتاج المخدر لافراز الدوبامين.. هذا يعني أن المدمن عندما لا يكونون تحت تأثير المخدرات أو الكحول فانه يعاني من أجل الحصول على المتعة او السعادة في ابسط الانشطة مثل قضاء الوقت مع الأصدقاء أو العائلة.

التعرف على المدمن وفهمه[4, 5]

أن بعض علامات الإدمان واضحة ويمكن تحديدها. لكن  تحديد(اضطراب تعاطي المخدرات substance use disorder) SUD عملية معقدة. ويصعب التعرف على بعض مصابيها. حيث يدرك الكثير من المدمنين أن لديهم مشكلة لهذا فانهم يعملون على إخفاءها عن العائلة والأصدقاء ، وهذا يجعل من الصعب معرفة ما إذا كان شخص ما يعاني من الادمان أم لا. لهذا فان المعرفة ببعض التفاصيل العامة مهمة للمجتمع لتشخيص الحالات والاسراع بالدعم النفسي والعلاج باقرب وقت.

 ومن اهم الاشياء التي يجب علينا التمييز بينها هو الفرق بين الإدمان  Addiction  والاعتماد  Dependence

غالبًا ما يتم الخلط بين مصطلحي “الإدمان” و “الاعتماد” أو استخدامهما بدل بعض. وعلى الرغم من وجود بعض التداخل ، فمن المهم فهم الاختلافات الرئيسية بين المصطلحين.

 يحدث الاعتماد  Dependence

عندما يستخدم الشخص مادة ما  فيطّور جسمه وخلاياه ما يعرف ب Tolerance ( التحمل الجسدي) لمادة ما(بمعنى ان الجسم اعتاد على تلك المادة وكميتها )و قد يظهر الشخص أعراض تاثر إذا توقف عن استخدامها تمامًا. و يتم معالجة الاعتماد على المادة او الدواء عن طريق تقليل الكميات المستخدمة تدريجيا و ببطء لحين الشفاء.

لكن الإدمان  Addiction

يحدث بسبب الإفراط في تعاطي المخدرات أو الكحول والذي يؤدي الى تغيير كيمياء دماغ الشخص. ويظهر الإدمان على أنه رغبة شديدة لا يمكن السيطرة عليها، على الرغم من الأذى الذي يلحقه المدمن بنفسه أو بالآخرين. الطريقة الوحيدة للتغلب على الإدمان هي من خلال العلاج والدخول الى مصحات خاصة لعلاج الإدمان والذي يفتقر الناس الى الكثير من الوعي وقلة الفهم الى أهمية الاستشارات النفسية .

تشخيص الادمان

تشخيص الإدمان يشبه تشخيص أي مرض آخر. يتم فحص المريض من قبل أخصائي طبي للتأكد من استيفاء الأعراض للمعايير العلمية المحددة التي تحدد المرض المعني. ويعد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM) الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي من أفضل الأدوات لاكتشاف الإدمان.يتم قبول المعايير الموضحة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية بشكل عام ويستخدمها المتخصصون للمساعدة في تحديد وجود وشدة (اضطراب تعاطي المخدرات) SUD. وتشمل المعايير:

اولا: عدم السيطرة Lack of control

ان استخدام المادة بكميات كبيرة أو لفترات طويلة اكثر مما كان يقصده الشخص في بداية الاستخدام هي مؤشر للادمان. وقد يشعر الشخص الذي يعاني من احد أنماط تعاطي المخدرات كما لو أن شخصًا آخر يختار أفعاله نيابة عنه ، و يجد نفسه يتخذ خطوات الحصول على المخدرات دون وعي بكيفية وصوله إلى مكان المخدر.

ثانيا: الرغبة في الحد من الاستخدام Desire to limit use

يرغب المستخدم في تقليص الاستخدام لكنه غير قادر على القيام بذلك. قد يقول مرارًا وتكرارًا للآخرين ولنفسه أنه يخطط للإقلاع عن التدخين. يكون للمريض معرفة واضحة بأن إساءة استخدام المواد المخدرة ليس “الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.

 ثالثا:طريقة قضاء الوقت Time spent

يتم قضاء قدر كبير من الوقت في محاولة الحصول على مادة الادمان. أولئك الذين يعانون من الإدمان يخططون لكيفية اكتسابهم للمادة المرغوبة ، ويقضون وقتًا طويلاً في تنفيذ خطتهم (خاصةً إذا ساءت الأمور)، ثم يقضون وقتًا تحت تأثير المادة.

رابعا: الرغبة الشديدة Cravings

يشعر المستخدم برغبة شديدة في استخدام الدواء. افكاره تكون متكررة عن استخدامه ، أو افكار عن المشاعر التي يتوقعها بعد استخدامه ، هذه الافكار والرغبة تحدث في اوقات مختلفة من النهار أو الليل و تكون هذه الأشياء مشتتة للانتباه ومزعجة.

خامسا: انعدام تحمل المسؤولية Lack of responsibility

يؤثر الإدمان على التزامات العمل أو المدرسة أو المنزل. يتم وضع الخطط ثم إلغاؤها في اللحظة الأخيرة ، و تكون هناك مجموعة متنوعة من الأعذار والتبريرات التي يبدو أنها معنية بالظروف الخارجية ولكنها في الواقع مدفوعة بالإدمان.

 سادسا: مشاكل في العلاقات الاجتماعية Problems with relationships

تتوتر العلاقات الشخصية باستمرار بسبب تعاطي المخدرات ويقرر الأصدقاء المساعدة دون معرفة الكيفية في المساعدة . وقد يشعر أفراد الأسرة بنفس الشعور، وقد يحدث الطلاق ، ويمكن هنا أن يتضاءل الدعم النفسي والاجتماعي وهذه مرحلة خطرة ممكن ان تزيد من الادمان.

سابعا: فقدان الاهتمام Loss of interest

يتوقف المستخدم عن الانخراط في الانشطة الاجتماعية أوالترفيهية  لصالح تعاطي المخدرات. كما هو الحال مع الاكتئاب ، حيث يشعر المدمن ان لا متعة في المشاركة في الهوايات أو الاهتمامات التي كانت ذات يوم تتميز بالسحر.

ثامنا: الاستخدام الخطير Dangerous use

يستمر الاستخدام بالرغم من الظروف الخطيرة المصاحبة له. قد يجد المستخدم نفسه يعيش في مساكن مع مستخدمين آخرين،  وربما يشاركون أدوات المخدرات بطريقة قد تسهم في الاصابة بامراض خطيرة او التعرض لحوادث كحوادث السياقة تحت تاثير الكحول او المخدر.

تاسعا : تفاقم الوضع بصورة عامة Worsening situations

يستمر استخدام المادة على الرغم من تفاقم المشاكل الجسدية أو النفسية؛ يرى المستخدم ظروف حياته تتدهور من حوله ولكنه يقرر الاستمرار في تعاطي المخدرات أيضا وهذا يجعل الأمور أكثر خطورة.

عاشرا : الاحتياج المتزايد بسبب مايعرف ب Tolerance

.لتحقيق التأثيرات المرغوبة من الادمان ستكون هنالك حاجة لكميات أكبر من مادة الادمان. يمكن أن يصبح مشروب واحد أو مشروبين ويتحول الى 3 أو 4 وهكذا. تزداد الجرعات عندما يتكيف الدماغ مع المنبهات المتكررة التي يتم إعطاؤها في محاولة للحفاظ على التوازن.

حادي عشرة: التقهقر والتراجع الكلي Withdrawal

يمكن أن يكون هذا جسديًا وعاطفيًا. و تشمل اثار جانبية كالقلق والتهيج والغثيان والقيء. في حالة الإدمان الشديد على الكحول ، يمكن أن يكون التراجع قاتلاً ؛و الهذيان الارتعاشي ، وهو حالة يمكن أن تسبب الهلوسة والنوبات ، هو أحد المخاطر التي يجب أن يتجنبها متعاطي الكحول الذين يشربون بكثرة.

إحصائيات الإدمان[6, 7]

يعاني الملايين في العالم من شكل من أشكال الإدمان. و يمثل النيكوتين والكحول والكوكايين والهيروين الأدوية الأكثر شيوعًا التي تعيق حياة الناس ومن اهم الاحصائيات عالميا هو تضاعفت الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المخدرات بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 1990.

ومن الاحصاءات المهمة هي تكلفة الادمان حيث يكلف إدمان الكحول والمخدرات الاقتصاد الأمريكي على سبيل المثال أكثر من 600 مليار دولار كل عام.

و من اهم الاحصاءيات التي تربط الادمان بالحالات النفسية الاخرى هي انه حوالي 20٪ من الذين يعانون من الاكتئاب أو اضطراب القلق يعانون أيضًا من اضطراب تعاطي المخدرات.  وفي احصائية اخرى أكثر من 90٪ من الأشخاص المدمنين على شرب الكحول أو تعاطي المخدرات يبدأون قبل بلوغهم سن 18 عامًا. والمرجح أن يستخدم الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عامًا عقاقير تزيد الرغبة على  الإدمان.

علاج الادمان [1]

ان ثقافة المجتمع وعلاقتها مع المرض النفسي والادمان لا تزال تعاني من تاخر بانتشار مفهوم  انه (مرض قابل للعلاج) وتاتي اول علامات العلاج والخطوة الاهم هو قرار المدمن ببدأ العلاج و الدعم النفسي للمدمن واقناعه بأهمية التخلص من ارتباطه باخذ هذه السموم هي اهم الخطوات.

ويتمثل العلاج بالاتزام في مصحات خاصة لمعالجة الإدمان  بالاعتماد على أكثر من نوع واحد من العقاقير الطبية. يتم استخدام هذا النهج لتكثيف التأثيرات الممتعة للدواء تحاكي تاثير المخدر في دماغ المدمن  أو تقلل من  آثار غيابه الجانبية. قد يأخذ الشخص منشطًا مثل أديرال ، على سبيل المثال ، لمواجهة التأثيرات المهدئة للأفيون ، مثل أوكسيكودون.و يعد خلط أنواع متعددة من الأدوية معًا أمرًا خطيرًا للغاية ويمكن أن تؤدي الجرعة الزائدة الى الموت لذلك يجب ان يتم العلاج تحت اشراف طبيب مختص.

ويجب ان يتابع المريض بعد شفائه من قبل مستشاريين نفسيين ومدربيين مختصيين  بطرق مختلفة كالتدريب على هيئة حلقات او مجاميع علاجية يساعد افراد هذه المجاميع بعضهم بعض بالدعم النفسي ومراقبة الذات والاخر كوسيلة لمنع العودة للادمان مرة اخرى.

المصادر
  1.       Ceceli, A.O., C.W. Bradberry, and R.Z. Goldstein, The neurobiology of drug addiction: cross-species insights into the dysfunction and recovery of the prefrontal cortex. Neuropsychopharmacology, 2022. 47(1): p. 276-291.
  2.    Ducci, F. and D. Goldman, The genetic basis of addictive disorders. Psychiatric Clinics, 2012. 35(2): p. 495-519.
  3.   Potenza, M.N., Should addictive disorders include non‐substance‐related conditions? Addiction, 2006. 101: p. 142-151.
  4.    Marlatt, G.A., et al., Addictive behaviors: Etiology and treatment. Annual review of Psychology, 1988. 39(1): p. 223-252.
  5.     Thombs, D.L. and C.J. Osborn, Introduction to addictive behaviors. 2019.
  6.    Peacock, A., et al., Global statistics on alcohol, tobacco and illicit drug use: 2017 status report. Addiction, 2018. 113(10): p. 1905-1926.
  7.    Flavin, B.M., L.E. Happe, and R.C. Hatton, Meeting report: an exploration into the scientific and regulatory aspects of pharmaceutical drug quality in the United States. Expert Opinion on Drug Safety, 2022(just-accepted).

إقرأ ايضا