- مميزة
- العلوم الانسانية
- كورونا , الارهاب , المجتمع
تأثير جائحة كورونا في محاربة الإرهاب الدَّولي
- محاربة الإرهاب: وهي إحدى تلك التَّحديات التي سوف تتأثَّر بهذا الوباء، إذ تناقلتْ بعض وسائل الإعلام عن نيَّة انسحاب القوات الأميركيَّة وقوات التَّحالف الدَّولي لمحاربة عصابات داعش الإرهابي، من العراق بسبب هذه الجائحة، وذلك قد بدى واضحاً من خلال بعض التَّصريحات التي أدلاها مسؤولي تلك الدول. فهل يُعدُّ هذا الأمر دليلاً على انكفاء الولايات المُتحدة وحُلفاؤها قليلاً في الحرب ضدَّ الإرهاب؟[2]
- الأزمة الاقتصاديَّة العالميَّة: إذ بدتْ بوادرها تظهر في دول العالم المختلفة؛ كتداعيات حقيقيَّةٍ لجائحة كورونا، ومنها انهيار سوق النَّفط؛ الأمر الذي قاد هذه الدول إلى تغيير أولويَّاتها وتوجُّهاتها نحو الاهتمام بمشاكلها الداخليَّة.
ومن جهةٍ أُخرى؛ الزيادة غير المسبوقة بأعداد العاطلين عن العمل؛ لتتصاعد نسبة الفقر جرَّاء ذلك. وبالتَّالي؛ ازدياد جاذبية التَّنظيمات الإرهابيَّة لهذه الفئات. كما أنَّ من اللَّافت للنَّظر؛ هو زيادة نسبة المستخدمين للشبكة العنكبوتيَّة في معظم دول العالم بسبب الإجراءات الاحترازيَّة: ومنها: التَّباعد الاجتماعي وحظر التَّجوال، والحجر المنزلي، إذ يُعتبر الانترنت من أحد أهم الوسائل التي تعتمدها التَّنظيمات الإرهابيَّة في عمليَّة التَّجنيد ونشر الأفكار المتطرفة.
بالإضافة إلى ذلك؛ فقد نلاحظ زِّيادة الشُّعور الدِّيني في ظلِّ الهلع والخوف والقلق الذي رافق انتشار جائحة كورونا (كوفيد- 19)، وعدم قدرة الدَّول على مواجهتها في الوقت الرَّاهن؛ ممَّا دفع الكثير إلى التَّفكير بأنَّ هذا الأمر ربَّاني او هو بمثابة عقاب الهي ، وهذا الأمر قد يتناسب او قد يستغل في جانبٍ من الجوانب مع بعض توجُّهات وأَفكار التَّنظيمات الإرهابيَّة.
ومن جهةٍ أُخرى؛ فإنَّنا أمام تحوُّلٍ عالميٍّ في مجال محاربة الإرهاب؛ فخلال فترة انتشار جائحة كورونا تقلَّصتْ نسبة التَّصريحات والجهود الدوليَّة من ناحية محاربة الإرهاب؛ لتصبَّ أخيراً في مصلحة الجهود المتعلَّقة بمواجهة هذه الجائحة العالميَّة، إذ لا يلوح لنا في الأُفق مُدَّة الفترة التي ستستغرقها هذه الجائحة، وتداعياتها على الصعيد العالمي؛ ممَّا يفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات كثيرة؛ ومن أبرزها وأخطرها: هو ما يتعلَّق بشأن محاربة الإرهاب، وكيف سيكون عليه الوضع في المستقبل القريب؟ لا سيَّما أنَّ هناك مؤشرات تفيد بأنَّ البيئة الدوليَّة أصبحتْ مهيأة أكثر لتقبُّل أفكار الإرهابيين رُبَّما في بعض المجتمعات، وفقاً للمعطيات المذكورة آنفاً.
وإذا أخذنا حالة العراق كحالةٍ عمليَّة لتداعيات كورونا في مواجهة الإرهاب؛ فإنَّنا لمسنا ارتفاع معدل هجمات تنظيم داعش الإرهابي في العراق خلال هذه الفترة، فضلاً عن تقاريرٍ تفيد بزيادة نشاط هذا التنظيم، والإعلان المشبوه في توقيته للتَّحالف الدَّولي، وإن كان تأثيره محدوداً لمحاربة الإرهاب في العراق، مع تسجيل بعض حالات مشبوهة قام بها التَّحالف الدَّولي من خلال دعم التَّنظيمات الإرهابيَّة خلال الحرب ضدَّ داعش.
وغالباً ما رفع التَّحالف الدَّولي شُعاره في محاربة الإرهاب، وفي نفس الوقت؛ ما زال يلوِّح بتهديد هذا التَّنظيم، ويحذَّر من تنامي قدراته الإرهابيَّة في هجماته، ولكن جهوده الفعليَّة في ذلك تبقى محطَّ شكوكٍ ومثارٍ للجدل، لتساؤل بسيط قد يُطرح هنا؛ وهو: إنَّ تحالفاً مُكوَّناً من (70) دولةٍ أو أكثر لم يستطع القضاء على تنظيم داعش؛ فماذا تنتظر من دولةٍ بمفردها؟ وما الذي حلَّ بالتَّعاون الدَّولي الفاعل في محاربة الإرهاب؟
ومن التَّداعيات المهمَّة لجائحة كورونا (كوفيد- 19) التي تثير التمعَّن فيها؛ هو عودة مفهوم السيادة للدولة على النحو التَّقليدي، إذ تم إغلاق الحدود بين الدول، بصرف النَّظر عن اتفاقيات الانفتاح المُبرمة، كما حصل ذلك بين دول الاتَّحاد الأوروبي، إذ نلاحظ مستويات وإمكانات ضعيفة جدَّاً بخصوص التَّعاون الدَّولي لمواجهة هذه الجائحة. فهل سوف نشهد مستقبلاً لتمسُّك الدَّول أكثر فأكثر بسيادتها وحماية مواطنيها، ووضع استراتيجيَّاتٍ خاصَّةٍ من أجل محاربة الإرهاب خوفاً من الانفتاح الذي يكون مصدراً للمخاطر الخارجيَّة؟
كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار، إنَّ التَّنظيمات الإرهابيَّة سوف تستغل الوضع الدَّولي القائم؛ لتعمل على إعادة توسيع نشاطاتها؛ فهل ستنصبُّ نشاطات هذه التنظيمات في مواجهة سيادة الدَّولة الوطنيَّة؟ وهل أنَّ استراتيجيَّة مكافحة الإرهاب الوطنيَّة التي تعتمد على البيانات والمعلومات الدَّقيقة والمعطيات الصَّحيحة هي أكثر فاعليَّة من الاستراتيجيات العالميَّة في محاربة الإرهاب ستدخل في أولويَّاتها مصالح دولٍ قد تعيق تنفيذ مثل هذه الاستراتيجيَّات، أو التي تضمنها بعض مصالحها على أقلِّ التَّقديرات؟
رُبَّما الأيام والشُّهور القادمة، ستكون حبلى بإظهار تداعيات جائحة كورونا على معظم قضايا العالم المعاصر، ومن ضمنها قضيَّة محاربة الإرهاب الدولي… لنصبر ونرى!
- -https://www.who.int/ar الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية تاريخ الزيارة 1/5/2020
- –https://www.alhurra.com/iraq/ موقع قناة الحرة عراق تاريخ الزيارة 28/4/2020