- فائزة, مميزة
- العلوم الصرفة
- نانوتكنولوجي ، مستقبل ، تكنولوجيا
تكنولوجيا المستقبل (المواد النانوية)
هل تهتم للمستقبل ؟ أذن عليك أن تتعرف على تكنلوجيا المستقبل أنها تقنية النانو و المواد النانوية. علم النانو (Nanoscience) أبصر النور كأحد فروع الفيزياء الحديثة عام 1959 بواسطة العالم الامريكي ريتشارد فليب فاينمان.
حيث قدم فاينمان ورقة بحثية بعنوان “هنالك متسع في القاع” القاها أمام الجمعية الفيزيائية الامريكية وصف فيها العلم الجديد الذي يمكن من خلاله تحريك الذرات والتلاعب بها من أجل الحصول على الخواص التي نحتاجها في تطبيق معين أو في مجال معين من مجالات الحياة. هذا الفرع الجديد من العلم يدخل في جميع مجالات الحياة الطبية والصناعية والتجارية والغذائية وحتى المجال العمراني.
النانو بادىء يمكن ان نستخدمه مع وحدات القياس ويمكن ان يستخدم لاي كمية فيزيائية. النانو بالنسبة للمتر يساوي (10-9 متر) اي مليار جزء من المتر وهو قياس صغير جدًا بالنسبة للأبعاد التي نتعامل معها في حياتنا اليومية، علم النانو هو فرع من العلوم يهتم بدراسة المواد التي تمتلك ابعاد نانوية اما تقنية النانو تهتم بتصنيع الاجهزة التي يمكن استخدمها لتوصيف المواد النانوية اي دراسة خصائصها، ولا يمكن أن نعتبر المادة من المواد النانوية اذا لم يكن احد ابعادها بمقياس نانوي اقل من 100 نانو متر, بكلمة اخرى ان يبلغ احد الابعاد كالطول او العرض او الارتفاع بين 1 الى 100 نانو ويرمز له بالرمز ((nm، وحتى نحصل على نانومتر واحد ( (1 nmفأنهُ يجب علينا ان نضع ما يقارب 500 ذرة للحصول عليه!
سنناقش هذا المثال لفهم المقياس النانوي فلو اخذنا قطعة من اي مادة طولها يساوي مترًا واحدًا ثم نبدأ بتقطيع هذا المتر الى الف جزء سنحصل على مادة بالملي متر اي 10-3) يسمى بالملي متر (mm)) واذا استمرت العملية وأخذنا جزء من هذهِ المادة بالمقياس المليمتري وقمنا بتقطيعه الى الف قطعة اخرى عندها سنحصل على مادة بالمقياس الميكروي، اي 10-6) من المتر ويسمى مايكرومتر او مايكرون m)µ)) واذا اخذنا قطعة بالمقياس الميكرومتري وقمنا بتجزئتها الى الف جزء اخرى فسنحصل بالنتيجة على مادة بالنانو متر وهو 10-9) من المتر((nm)، اي اننا نقوم بتجزئة المتر الى الف الف الف جزء لنحصل على المقياس النانوي.
الطريقة التقليدية لدراسة المواد علميًا لمعرفة خواصها الفيزيائية والكيميائية تبدأ من دراسة التراكيب الكبيرة والمعقدة ثم معرفة طبيعة الاواصر والروابط فيما بينا الى التراكيب الاصغر والابسط والتي تعطينا تفسيرًا علميًا لسبب سلوك المواد لتلك الخصائص حيث ان التركيب الكيميائي وطريقة توزيع الذرات والقوى بينها هو الذي يحدد خواص المادة وتسمى هذهِ الطريقة (Top-down method) ولكن بسبب التقدم التكنولوجي الكبير وتطوير انواع مختلفة من المجاهر الالكترونية مثل المجهر الالكتروني الماسح ((SEM والمجهر الالكتروني النافذ (TEM) والذي قد يصل قوة التكبير له مليون مرة ومجهر القوة الذرية (AFM) بواسطتها تمكنا من رؤية الجزيئات والذرات لذلك اصبح ممكنًا ان نصنع المواد من المستوى الذري (Atomic level) كأن نأخذ ذرة او جزيئات ونبدأ بتصنيع المادة من المستوى الذري ونراكمها فوق بعضها بإحدى تقنيات التصنيع وهذهِ الطريقة تسمى ((bottom-up method ودراسة خصائص المواد التي تصنع بهذهِ الطريقة –من المستوى الذري- يسمى بعلم النانو.
صورة توضح المقياس النانوي والمايكروي لبعض الاشياء التي نعرفها
ان اكتشاف المواد النانوية احدث طفرة نوعية في عدة مجالات، فخصائص المواد بالأبعاد الاعتيادي او الكبيرة والتي يطلق عليه عادةً (Bulk material) تختلف كليًا عندما تكون بالمقياس النانوي ((Nano-material فعلى سبيل المثال لون الذهب بالوضع الاعتيادي هو اصفر ولكن عند انتقاله الى الحجم النانوي يصبح اخضر اللون، بعض المواد التي تكون معتمة بالأبعاد الكبيرة تصبح شفافة على المستوى النانوي بعض المواد الصلبة تصبح سائلة وبعض المواد العازلة كهربائيًا تصبح موصلة. ان طرق تقنيات تصنيع المواد النانوية متعدد ومنها ما يعتمد على اساس فيزياوي مثل (Electron beam evaporation)وفيها تستخدم حزمة من الالكترونات تطلق على المادة والتي تعمل على صهرها ثم تبخيرها لتنتج لنا ذرات تتراكم فوق بعضها البعض. او طرق كيميائية مثل (Sol-Gel) ويتم فيها خلط محاليل المواد المختلفة للحصول على المادة المطلوبة بالمقياس النانوي وتعد من اسهل وارخص الطرق لإنتاج المواد بالمقياس النانوي. يمكن أن تصنع المواد النانوية من كافة المواد الموجودة في الطبيعة (وهنا نقصد) المواد المعدنية او غير المعدنية مثل الاكاسيد التي تسمى علميًا (بالمواد السيراميكة) كما يمكن صناعتها من المواد البوليمية (التي تشمل من ضمنها عائلة البلاستك). ويمكن ايضا دمج أثنين أو اكثر من هذهِ المواد لتصنيع مواد متراكبة نانوية تمتلك مزيجًا رائعًا من الخواص. تمتلك المواد النانوية مجال واسع من التطبيقات يمتد من التطبيقات العامة البسيطة الى التطبيقات المتقدمة في مجال الطب والمجال العسكري والعلمي. يمكن ان تستخدم دقائق نانوية معينة في تصنيع فلاتر لتنقية وتحلية المياه في البيوت والقرى بكفاءة افضل من بقية انواع الفلاتر بالاضافة الى ان هنالك نوع من المواد النانوية الجلاتينية يطلى بها السطوح تستخدم كعازل للحرارة بكفاءة عالية, بعض المواد النانوية مثل كربيد التنكستن وكربيد السليكون تمتاز بصلابتها العالية مقارنة بالمواد العادية، لذلك فهي تدخل في صناعة بعض أدوات القطع والحفر. كما يمكن صناعة طلائات وملابس وزجاج مقاوم للتلوث والماء, بمعنى انه سطح كاره للماء لا يمكن ان يتبلل. ربما أهم تطبيقات تقنية النانو في المجال الطبي حيث يمكن ان تستخدم دقائق نانوية معينة كمواد حاملة للادوية حيث تمتلك هذهِ المواد حساسية خاصة للموضع التي يراد أرسال الدواء له فعندما تصل اليه داخل جسم الإنسان تقوم بأطلاق الدواء بدقة, بالاضافة الى الابحاث الواعدة التي تؤكد بأمكانية استخدام المواد النانوية كعلاج للسرطان. كما تستخدم جسيمات الذهب النانوية في أجهزة الاختبار المنزلي للكشف عن الحمل. تستخدم الأسلاك النانوية كمجسَّات حيوية نانوية وذلك لحساسيتها العالية, حيث يتم طلاء هذه الأسلاك النانوية بأجسام مضادة مصنَعة بحيث أنها تلتصق فقط بالجزيئات الحيوية (DNA)، أو البروتينات، أو الجسيمات البيولوجية الأخرى الموجودة داخل الجسم وليس غيرها من الجزيئات الأخرى, وبذلك يمكن استخدام هذا المجس الحيوي النانوي في اكتشاف عدد كبير من الأمراض في مراحلها الأولية. واحدة من اهم صفات المواد النانوية هي المساحة السطحية الكبيرة التي تتمتع بها ، فأحد اهم التطبيقات هي الخلايا الشمسية (Solar cells) التي تستخدم في أنتاج الطاقة الكهربائية وتعد من مصادر الطاقة النظيفة أي انها لا تنتج مخلفات تلوث او تأثر على البيئة. هذهِ الخلايا تصنع عادة بأحد طرق التصنيع وذلك يعتمد على عدد الخلايا المطلوبة بالإضافة الى كلفة عملية التصنيع ويتم ترسيب مواد مثل أوكسيد الكوبلت او المواد شبة الموصلة بشكل عام مثل السليكون والجرمانيوم على الواح زجاجية أو الواح من السليكا ولان هذهِ المواد تمتلك حجمًا نانويًا فان المساحة السطحية التي تتعرض لضوء الشمس اكبر وبذلك نضمن اننا نستوعب اكبر قدر من اشعة الشمس في الخلية الواحد ويتألف عادةً اللوح من مئات الخلايا الشمسية التي تربط عبر دائرة كهربائية تعمل على تحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية. أما في المجال العسكري فأسطوانات النانو التي تستخدم لخزن المعلومات تمتلك سعة تخزينية أكبر مليون مرة من أجهزة الكمبيوتر الاعتيادية، والهياكل النانو التي تعد أقوى 100 مرة من الفولاذ، ويمكن تصنيع سترات رقيقة من مواد نانوية تسمى (الفرايت) تتمتع بالقدرة على امتصاص موجات الرادار بهدف التخفي والتسلل، الى صناعة الأقمار الصناعية متناهية الصغر (النانوية). عندما نستخدم تقنية النانو في مجال البناء فحتى الخرسانة أصبحت أقوى وأفضل واصبح صبها أفضل وتتمتع بمتانة اكبر. أكثر المواد النانوية التي تستخدم في التطبيقات الانشائية هي ثاني أوكسيد التيتانيومTiO2 وأنابيب الكاربون النانوية CNTs ودقائق السليكا النانوية, حيث وجد أن اضافة هذهِ المواد النانوية الى الخرسانة تزيد من متانيتها وصلابتها بالاضافة الى زيادة مقاومتها لأختراق الماء. واحده من اهم مشاكل تقنية النانو والمواد النانوية هي مشاكلها الصحية التي قد يتعرض لها العاملون بها بسبب صغر حجمها, بالإضافة الى فعاليتها الكيميائية. فالمواد النانوية بإمكانها ان تخترق او تنفذ عبر الجلد الى داخل جسم الانسان وتتسبب بأضرار صحية كبيرة فاذا نفذت بكميات كبيرة نسبية من الممكن ان تسبب سرطان الرئة وأن تأثر الى الحمض النووي DNA. رغم المخاطر الصحية تعد تقنية النانو والمواد النانوية هي علم المستقبل لما توفرة هذهِ المواد من صفات تختلف كليًا عن صفات المواد العادية, ذلك بسبب القدرة على التحكم بالذرات والجزئيات المكونه لهذهِ المواد, هكذا تقنية تفتح آفاق كبيرة لتجعل الانسان أكثر تفوقًا وتساعدهُ على أيجاد حلول للمشاكل الطبية والصناعية والتكنولوجية بالاضافة الى تطبيقات العسكرية والفضاء وهذا يعني أننا يمكن بأستخدام هذهِ التقنية أن نساعد الناس ونجعل حياتهم أفضل.
المصادر
- “Plenty of Room at the Bottom”, Richard P. Feynman, 1959.
- “The Science and Engineering of Materials” Donald R. Askeland, Pradeep P. Fulay, Wendelin J. Wright, 2011.
- http://nano.ksu.edu.sa/ar/nanotech-applications
- http://nepp.nasa.gov
- “التطبيقات العسكرية المحتملة لتقنية النانو وسبل مواجهة مخاطرها”, حازم حسن الجمل , 2013.