امكانية معالجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في الأبنية المشيدة

 

شارك المقال

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Email
LinkedIn

إقرأ ايضا

كثرت بشكل كبير حالات المباني التي تصاب بالعيوب الانشائية قبل وصولها الى الحمل التصميمي او بعد فترة وجيزة من استخدامها، وقد تصل هذه العيوب الى تصدع كامل. وهذه الحالات تشغل الكثير من الباحثين للوصول الى ظروف وأسباب حدوث هذه الحالات وكذلك الى طرق علاجها وتجنب حدوثها. وكثير من هذه الحالات حدثت بسبب مشاكل في اساسات المباني او التربة وخواصها او تغيرات الرطوبة وارتفاع منسوبها. فلاستمرار ديمومة المنشآت يجب عدم تعرضها للرطوبة، فالأبنية المشيدة في أماكن رطبة يتغلل فيها الماء الى عشرات السنتمترات فوق مستوى الأرض وذلك بواسطة الخاصية الشعرية فيؤدي ذلك الى تلف عناصر موادها الانشائية والبنائية وبالتالي تقليل عمر المبنى وجعله غير صالح للسكن. إضافة الى ذلك ان التوسع العمراني الضخم الذي حدث في السنوات الاخيرة في العراق مع عدم ملاحقة شبكات الصرف الصحي أصلا أدى الى ارتفاع منسوب المياه الجوفية او الى اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي مما يزيد من تركيز الاملاح الضارة في المياه الجوفية. المياه الجوفية هي عبارة عن مياه موجودة في مسام الصخور الرسوبية تكونت عبر أزمنة مختلفة تكون حديثة أو قديمة جدا لملايين السنين. مصدر هذه المياه غالبا الامطار أو الأنهار الدائمة أو الموسمية أو الجليد الذائب وعادة ترتفع المياه الجوفية او الأرضية بسبب الاسراف في استخدام مياه الشرب او مياه الري للحدائق، او تسرب المياه من شبكات المياه العذبة وشبكات الصرف الصحي وخاصة في المناطق التي ينقصها شبكات تصريف فعالة. يقدر إجمالي حجم المياه الجوفية في العراق بحدود 2 مليار م3.
  1. تأثير المياه الجوفية على الأبنية
تلعب المياه الجوفية مع التربة دورا كبيرا في تكوين وسلوك الظروف المحيطة بالأساسات حيث تتعرض العناصر الانشائية الملامسة للتربة او الواقعة قرب وتحت منسوب المياه الجوفية لأضرار متنوعة بسبب التأثير الكيميائي للمياه الجوفية وخاصة عندما تتلوث المياه الجوفية بمياه المجاري ولمدة غير بسيطة، او عندما تكون العناصر الانشائية غير محمية تماما بمواد عازلة او مقاومة للرطوبة والاملاح. تتوقف سرعة هذا التأثير على عدة عوامل (1):
  • بعضها يختص بالتربة مثل التركيب الكيميائي وتركيز الاملاح في المياه الارضية وفي التربة، ومسامية التربة ودرجة الحرارة.
  • البعض الاخر يخص العناصر الانشائية نفسها مثل جودة ونوعية المواد العازلة ونفاذية الخرسانة وخواص المواد المستعملة في الخرسانة.
وارتفاع المياه الجوفية يسبب اضرارا بالغة للعناصر الانشائية منها (2، 3):
  • تكاثر الفطريات والبكتريا في المبنى والذي يسبب حالة غير صحية لمستخدمي البناية.
ان وجود ونمو العفن داخل المنازل يؤثر بالتأكيد على الإنسان وصحته، وبالأخص لمن يعاني من حساسية اتجاه هذا العفن. والجدير بالذكر أن بعض الأشخاص قد تتطور لديهم الأعراض بشكل كبير، لتشمل: ارتفاع درجة الحرارة وحتى التهابات رئوية! في حين أشارت بعض الأبحاث وجود علاقة بين التعرض للعفن وتطوير الإصابة بالربو، وبالأخص لدى الأطفال (2).
  • عدم تماسك طبقة الانهاء للإسمنت والجص والبورك في المبنى
  • فساد الاخشاب المستخدمة وانحناءها
  • اتلاف الاصباغ
  • تلف التكسيات للأرضيات والجدران
  • تفتت وتمليح للأسس والأرضيات والجدران بسبب املاح الكبريتات والكلوريدات الموجودة في المياه الجوفية
  • صدأ حديد التسليح في الاساسات والعناصر القريبة من التربة.
  • هبوط او انحراف في الاساسات وحدوث شقوق وتصدعات بها وبباقي عناصر المنشأ.
  • تسرب المياه الى الجدران والارضيات مما يؤدي الى هبوط الارضيات وتلف توصيلات الكهرباء والتليفون وتدهور البياض والرخام.
في النهاية، ستصبح هذه الأضرار أكثر انتشارًا، إذا ظل ارتفاع منسوب المياه الجوفية غير متحكم فيه.
  1. طرق التغلب على المياه الجوفية اثناء انشاء المبنى
تؤثر المياه الجوفية سلباً على المبنى بما يؤدّي إلى قصر عمره وانبعاث روائح نتنة منه، ناهيك عن نموّ الحشرات وما يتبع ذلك من فيروسات وأمراض تجعل من المبنى مسكناً غير صحي لأفراده. فيما يتعلّق بطريقة المعالجة هنا تعتمد على وزن البناية وطبيعة الارض ونوع الاساس المستخدم، فعند البناء يجب ان نتبع بعض الخطوات المهمة منها: –
  • يتم عمل ابار ويوضع عليها مضخات لكي تضخ الماء خارج الموقع ليتسنى للعاملين الحركة في الموقع او أي طريقة لسحب المياه حسب مستوى منسوب المياه الجوفية بالمنطقة.
  • في حالة استخدام الركائز كأساس فيتم بدون تبديل التربة حيث يتم حفر الركائز وصولا الى التربة القوية وصبها بالخرسانة المسلحة حسب التصميم المعد لذلك وثم عمل القبعة للركائز وتكون حسب التصميم المعتمد على وزن المنشأ ونوع التربة.
  • في حالة الاساس الحصيري والأنواع الاخرى التقليدية فانه يتم تبديل التربة بالعمق المطلوب للحصول على التحمل المطلوب بالاعتماد على فحوصات التربة من تحريات التربة في الموقع وتكون الطبقة الاولى من الجلمود وباقي الطبقات من الحصى الخابط وبسمك 25 سم او حسب التصميم.
لمنع صعود المياه الجوفية الى البناية في المستقبل نتيجة تغير منسوب المياه الجوفية يجب عمل طبقة عازلة للرطوبة. الغرض من الطبقات العازلة للرطوبة هو منع مرور الرطوبة أو المياه بين مواد البناء من انتشارها داخل المباني سواء كان مصدرها المباشر من المياه الجوفية أو المطر أو كان مصدرها غير مباشر. فيتم وضع طبقة أفقية عازلة توضع بعد صب الخرسانة العادية او المسلحة للأساسات (4). وتكون الطبقة مستمرة على كل الجدران التي لها أساسات تحت منسوب الأرض الطبيعية وتكون على ارتفاع حوالي 15 سم بحيث يكون مستواها فوق مستوى سطح الارض لمنع مسارات الرطوبة الأرضية المتجهة إلى الأعلى من خلال أساساتها لأن عدم منع هذه الرطوبة سوف تعرض الجدران التي فوق الأرض الطبيعية  للترطيب والعفن واتلاف انهاءات الجدران الداخلية والخارجية (5). لتشعب هذا الموضوع وكثرة المواد المانعة للرطوبة سوف اذكر أفضل طريقة حديثة مستخدمة حاليا لصنع طبقة مانع الرطوبة وهي: الطبقة الأولى: مكونة من مخلوط الاسفلت الساخن والرمل بسمك يتراوح ما بين 1.5 -2 سم الطبقة الثانية: توضع فوق الطبقة الأولى طبقة من الخيش المقطرن ودهانها بالبيتومين (المواد المذكورة وغيرها متوفرة في مكاتب تجهيز كيمياويات مواد البناء) ويحدد ذلك تبعا لرطوبة التربة كالاتي:
  • في المناطق التي تكون فيها التربة جافة تعمل الطبقة العازلة من طبقة واحدة من الخيش المقطرن ووجهين بيتومين.
  • في حالة التربة ذات الرطوبة البسيطة تعمل الطبقة العازلة من طبقتين من الخيش المقطرن وثلاثة أوجه من البيتومين بينهم.
  • في حالة التربة ذات الرطوبة العالية تعمل الطبقة العازلة من 3 طبقات من الخيش المقطرن مع أربعة أوجه من البيتومين بينهم.
إذا كنت تريد عزل تام فقم باستخدام طبقة من الواح الفوم فوق طبقة الخيش المقطرن مع البيتومين، ولكن ستكون التكلفة عالية فيجب اخذ التكلفة بنظر الاعتبار. ولإتمام اعمال الارضيات يفرش فوق الطبقة العازلة للرطوبة طبقة من مونة الاسمنت والرمل بسمك 2-3 سم، ثم بعد جفافها يفرش طبقة من مخلوط الاسفلت الساخن والرمل بسمك 2 سم، ثم يوضع عليها طبقة الرمل بسمك 3 سم ثم مونة السمنت والرمل بسمك 2 سم ثم الكاشي او السيراميك.
  1. معالجة الأبنية المشيدة المعرضة للمياه الجوفية
لمعالجة الأبنية المعرضة للمياه الجوفية يجب أولا معرفة مستوى تعرض البناء للمياه لتحديد طريقة المعالجة المناسبة تجدر الإشارة هنا الى انه كلما تم اكتشاف المشكلة في وقت أبكر، كلما كان الحل أسهل واقل كلفة، فيمكن تصنيف الابنية الى ثلاث مستويات وهي (3):
  • المستوى الاول:
هو المستوي الذي يمتد الضرر فيه الى الطبقة ما بعد البياض والى مساحة ليست بالبسيطة وتحدث شقوق سطحية في الجدران كما في شكل رقم (1). طريقة المعالجة: لمعالجة مثل هذه الحالة يتم ازالة الجزء المتضرر من بياض الجدران وكشف الاساسات بإزالة طبقة البلاط بعمق قريب من سطح الارض لإجراء الفحوصات اللااتلافية (هذه الفحوص متوفرة في المكاتب الاستشارية ولدا كثير من الشركات الهندسية وشركات المقاولين التى تعنى بالبناء) ولعلاجه تستخدم مواد عازلة للمياه فوق طبقة الأساس ثم إعادة الاكساء وللجدران تخلط مادة مانعة للرطوبة مع البياض.

شكل رقم (1): اضرار المياه الجوفية للأبنية من المستوى الاول

  • المستوى الثاني:
هو مستوي الشدة الذي يصل فيه الضرر الى الهيكل الداخلي للمبنى ويؤثر في خصائصه ومعدل اداءه كما في شكل رقم (2). طريقة المعالجة: يتم معالجة مثل هذه الحالات بتحديد نقاط على مستوي واحد فوق المنطقة المتأثرة واجراء الفحوصات اللااتلافية ليتم حقنها بمادة مانعة للرطوبة. حيث يتم حقن مادة عازلة في مستوي اعلى من مستوي تأثر المبنى وتقوم هذه المادة بعمل عازل الجزء العلوي من المبنى من التأثر بالمياه الجوفية وتعتبر كسد او مانع او حد يحد من انتشار المياه الى اعلى المبنى.

شكل رقم (2): اضرار المياه الجوفية للأبنية من المستوى الثاني

  • مستوى الثالث:
هو المستوي الذي يصل فيه الضرر الى وضع تصعب فيه المعالجات العادية حيث يصنف المبنى على انه غير مؤهل للاستخدام كما في شكل رقم (3). طريقة المعالجة: يتم جراء الفحوصات اللااتلافية وفحص الكور ولكن في اغلب الحالات يصنف هذا المبنى على انه غير قابل للمعالجة او تعتبر عملية المعالجة مكلفة جدا وقد تكون غير مجدية لذلك من الافضل اعادة بنائه.

شكل رقم (3): اضرار المياه الجوفية للأبنية من المستوى الثالث

  1. الخلاصة والتوصيات
ان سوء اعمال التصميم والتنفيذ وغياب الاشراف الهندسي الدقيق سبب هام في ظهور العديد من المشاكل في المنشآت ومنها تأثير المياه الجوفية، لذلك هنالك عدة توصيات يجب اتباعها لتلافي هذه المشكلة:
  • التأكد من فحوص التربة وتصميم الاساسات بعناية تامة قبل تنفيذ البناء مع وضع الشروط اللازمة لحماية الاساسات من الظروف البيئية المحيطة بها.
  • الاهتمام بنوع المواد المستخدمة والتأكد من وملاءمتها لطبيعة المنطقة ومدى صلاحيتها وكفاءتها في الاستخدام.
  • عمل دراسات مستقبلية على أكثر العوامل البيئة تأثر على المباني في العراق وفي جميع المحافظات ودراسة طرق الحد من اضرارها بتطبيق الحلول على الأبنية المتضررة ودراسة فعالياتها.
  1. السيد عبد الفتاح القصبي، محمود مغاورى السعدنى، (1993) “تأثير الظروف المحيطة بالأساسات على سلامة المنشآت” الهندسة المدنية، جامعة الازهر، مصر.
  2. بان محمد رحيم (2017) “تشوهات المباني والأسباب في فشل وانهيار المباني الانشائية” هندسة مدني، mohameed197215@yahoo.com.
  3. ايمان محمد عبد الغفار صالح (2015) “أثر العوامل البيئية في المباني” بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في الهندسة المدنية، هندسة التشييد، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.
  4. اسوس محمد علي جميل (2015) “تأثير الرطوبة على المباني وطريقة عزل الرطوبة ومواد العزل المستخدمة” هندسة مدني، اتحاد مهندسي كوردستان.
  5. محمود رشيد محمود، علاء مهدي درويش، (2006) “حماية الأسس الخرسانية المسلحة من تأثير المياه الجوفية باستخدام مانع الرطوبة “مجلة الهندسة والتنمية، المجلد 10، العدد 3، قسم هندسة البناء والانشاءات، الجامعة التكنولوجية، بغداد العراق.

إقرأ ايضا